responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 169
فِئَتَيْنِ، وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ، أَيْ لِمَ تَخْتَلِفُونَ فِي كُفْرِهِمْ مَعَ أَنَّ دَلَائِلَ كُفْرِهِمْ وَنِفَاقِهِمْ ظَاهِرَةٌ جَلِيَّةٌ، فَلَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَخْتَلِفُوا فِيهِ بَلْ يَجِبُ أَنْ تَقْطَعُوا بِكُفْرِهِمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ الْحَسَنُ: إِنَّمَا سَمَّاهُمْ مُنَافِقِينَ وَإِنْ أَظْهَرُوا الْكُفْرَ لِأَنَّهُمْ وُصِفُوا بِالصِّفَةِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا مِنْ قَبْلُ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: فِئَتَيْنِ مَا بَيَّنَّا أَنَّ فِرْقَةً مِنْهُمْ كَانَتْ تَمِيلُ إِلَيْهِمْ وَتَذُبُّ عَنْهُمْ وَتُوَالِيهِمْ، وَفِرْقَةً مِنْهُمْ تُبَايِنُهُمْ وَتُعَادِيهِمْ، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ وَأُمِرُوا بِأَنْ يَكُونُوا عَلَى نَهْجٍ وَاحِدٍ فِي التَّبَايُنِ وَالتَّبَرِّي وَالتَّكْفِيرِ، واللَّه أَعْلَمُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ كُفْرِهِمْ: وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الرَّكْسُ: رَدُّ الشَّيْءِ مِنْ آخِرِهِ إِلَى أَوَّلِهِ، فَالرَّكْسُ وَالنَّكْسُ وَالْمَرْكُوسُ وَالْمَنْكُوسُ وَاحِدٌ، وَمِنْهُ يُقَالُ لِلرَّوَثِ الرَّكْسُ لِأَنَّهُ رُدَّ إِلَى حَالَةٍ خَسِيسَةٍ، وَهِيَ حَالَةُ النَّجَاسَةِ، وَيُسَمَّى رَجِيعًا لِهَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا، وَفِيهِ لُغَتَانِ: رَكَسَهُمْ وَأَرْكَسَهُمْ فَارْتَكَسُوا، أَيِ ارْتَدُّوا. وَقَالَ أُمَيَّةُ.
فَأُرْكِسُوا فِي حَمِيمِ النَّارِ إِنَّهُمْ ... كَانُوا عُصَاةً وَقَالُوا الْإِفْكَ وَالزُّورَا
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهُ رَدَّهُمْ إِلَى أَحْكَامِ الْكُفَّارِ مِنَ الذُّلِّ وَالصَّغَارِ وَالسَّبْيِ وَالْقَتْلِ بِمَا كَسَبُوا، أَيْ بِمَا أَظْهَرُوا مِنَ الارتداد بعد ما كَانُوا عَلَى النِّفَاقِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُنَافِقَ مَا دَامَ يَكُونُ مُتَمَسِّكًا فِي الظَّاهِرِ بِالشَّهَادَتَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَنَا سَبِيلٌ إِلَى قَتْلِهِ، فَإِذَا أَظْهَرَ الْكُفْرَ فَحِينَئِذٍ يُجْرِي اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ أَحْكَامَ الكفار.
المسألة الثالثة: قرأ ابي كَعْبٍ وَعَبْدُ اللَّه بْنُ مَسْعُودٍ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ أَرْكَسَ وَرَكَسَ لُغَتَانِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ/ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: أَضَلَّ اللَّهُ لَيْسَ أَنَّهُ هُوَ خَلَقَ الضَّلَالَ فِيهِ لِلْوُجُوهِ الْمَشْهُورَةِ، وَلِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ: وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا فَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ إِنَّمَا رَدَّهُمْ وَطَرَدَهُمْ بِسَبَبِ كَسْبِهِمْ وَفِعْلِهِمْ، وَذَلِكَ يَنْفِي الْقَوْلَ بِأَنَّ إِضْلَالَهُمْ حَصَلَ بِخَلْقِ اللَّه وَعِنْدَ هَذَا حَمَلُوا قَوْلَهُ: مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ عَلَى وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّ اللَّه تَعَالَى حَكَمَ بِضَلَالِهِمْ وَكُفْرِهِمْ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ يُكَفِّرُ فُلَانًا وَيُضِلُّهُ: بِمَعْنَى أَنَّهُ حَكَمَ بِهِ وَأَخْبَرَ عَنْهُ: الثَّانِي: أَنَّ الْمَعْنَى أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا إِلَى الْجَنَّةِ مَنْ أَضَلَّهُ اللَّه عَنْ طَرِيقِ الْجَنَّةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى يُضِلُّ الْكُفَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنِ الِاهْتِدَاءِ إِلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ هَذَا الْإِضْلَالُ مُفَسَّرًا بِمَنْعِ الْأَلْطَافِ.
وَاعْلَمْ أَنَّا قَدْ ذَكَرْنَا فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ ضَعْفَ هَذِهِ الْوُجُوهِ، ثُمَّ نَقُولُ: هَبْ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَخْبَرَ عَنْ كُفْرِهِمْ وَضَلَالِهِمْ، وَأَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فَقَدْ تَوَجَّهَ الْإِشْكَالُ لِأَنَّ انْقِلَابَ عِلْمِ اللَّه تَعَالَى جَهْلًا مُحَالٌ، وَالْمُفْضِي إِلَى الْمُحَالِ مُحَالٌ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْآيَةِ أَنَّ اللَّه تَعَالَى أَضَلَّهُمْ عَنِ الدِّينِ قَوْلُهُ: وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا فَالْمُؤْمِنُونَ فِي الدُّنْيَا إِنَّمَا كَانُوا يُرِيدُونَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ الْإِيمَانَ وَيَحْتَالُونَ فِي إِدْخَالِهِمْ فِيهِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَضَلَّهُمْ عَنِ الْإِيمَانِ امْتَنَعَ أَنْ يَجِدَ الْمَخْلُوقُ سَبِيلًا إِلَى إدخاله في الايمان، وهذا ظاهر ثم قال تعالى:

[سورة النساء (4) : آية 89]
وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (89)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً]

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 169
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست